د.ابراهيم الصديق علي يكتب:-
عينة الطرفة : حنينة..
في باديتنا فإن اليوم الثلاثاء 6 أغسطس 2024م هو ثالث ايام عينة الطرفة (البكايا) لكثرة هطول الأمطار وإستمرارها دون توقف مع الغيوم والسحب ولطف الجو ويتميز مطرها بقلة الزوابع والرعد ، كما هو الحال في عموم السودان هذه الأيام وقد أعجبتني مرابيع لم يسعفني الحظ بمعرفة شاعرها :
ﻋﻴﻨﺔ ﺍﻟﻄﺮﻓﻪ ﻣﺎ ﺟﻔﺖ ﺩﻣﻮﻋﺎ ﺍﻟﺠﺎﺭﻳﻪ..
ﺻﺒﺖ ﻓﻮﻗﻨﺎ ﺿﻬﺮﺍﻭﻱ ﻭﺗﻨﺖ ﺑﻲ ﺳﺎﺭﻳﻪ..
ﺳﻤﺎﺡ ﺑﺖ ﺍﻟﺒﻮﺍﺩﻱ ﺍﻟﻔﻲ ﺍﻟﻠﻜﻴﺐ ﻣﻀﺎﺭﻳﻪ..
ﺍﺭﺿﻨﺎ ﻟﺒﺴﺖ ﺍﻟﺴﻨﺪﺱ ﺑﻌﺪ ﻣﻲ ﻋﺎﺭﻳﻪ..
وقد ابدع عكير الدامر في وصفها وقال :
فرجو قريب حقيقة بروش عذابنا طواها
انطفت ام لهيب والطرفة عم رواها
فروعاً يابسة مدة، الليلة شفنا نواها
فتقت جانا ذي نفس الأراكه هواها
السماء غيمة ظل ونجحت البكاية
والمحل القبيل خوفنا امسي حكاية
العجمية فرحت وحضنت الكاكاية
قرب الري نسيناها وربط وكاية
الحقن اتملت والدابي جاتو فضيحتو
غير خاطر مرق ضاقت عليهو فسيحتو
ادشا السرح كرفت هواهو منيحتو
والحمريب شهق فتح قزايز ريحتو..
وهي ثالث عين الخريف على اشهر الأقوال (الضراع والنترة والطرفة)، ووابل مطرها يساعد فى نمو الزرع، وإن كان كثرة الصبيب تعطل حركة الرعاة والمزارعين وكما قال ود شوراني :
ظميانين وابل الطرفة فوقنا يهطل..
من الخلا كل عمل ناس صار متعطل..
ست حد الصبا اللى غناه ما بنبطل،
رايو معاها تشفى ألمنا ولا تكتل..
وبالمناسبة، فإن عين الخريف كلها مسماة على الأسد جسده وزئيره وإقدامه وإنصرافه ، فالذراع والنترة (زئيره) والطرفة (عينه ) و الجبهة والصرفة (صفحته حين ينصرف ) والخيرسان (راسه حين يبرز من بين الحشائش) والعواء (زئيره) و السماك (ارجل الأسد)..
ومع ذلك، فإن عينة الطرفة حنينة، ورهيفة الحس، وقد أبلغ إسماعيل حسن حين قال :
بتمدد وبتوسد وسادة شوق..
وانوم مرتاح وخالي البال..
وعشان ما تبكي ببكي انا..
وأحاكي الطرفة فى نص الخريف بكاي..
والزراعة في هذه العينة، إن صحت، فإنها تصادف الشتاء (الغفر)، وذلك عالم آخر، وكما قال الحردلو :
للتيباً حارسه حراتو ومسايِس وفَـارِقْ..
عَقب الحَرَّه صَقَّار مِن السِموم مِدَارِقْ..
أَتناينْ عُروقو ورَاح فِصيصو يزارِقْ..
لامِن جَاهو نَسَّامَ الغَــــفَرْ مِسَـــــارِقْ..
امطار خير وبركه..
لا تتشكو من الماء والمطر فانه نعمة وسقيا وزرع وضرع ، بينما البعض اراد تحويل السودان بكل هذه الموارد إلى بلد منكوب ومجاعة فإن اقدار الله فاضت بخريف تبدو بشائره مبشره.. اكثروا من الحمد والشكر والحرث.. ذلك الفضل من الله
د. إبراهيم الصديق على
