مقالات

عادل عسوم يكتب:- معالم في طريق الإسلاميين 7/1

عادل عسوم يكتب:-

معالم في طريق الإسلاميين
7/1

بفضل الله ذهب رجس القحاطة اليسار، ذهب بعد أن جثم على صدر هذا الوطن الوضئ ثلاث سنوات ولا أقول ثلاثة اعوام، اذ الْعَامُ يطلق على الدَّعة والرّخاء أمّا السَّنَةُ فتطلق على الشدة والكرب والضيق، ذهبوا غير مأسوف عليهم بعد أن سرقوا ما أسموها ثورة جقلبت خيولها لينال حماميدهم الطفابيع الشكرة، واستأثروا بالحكم بعد أن اقصوا -حتى- رفاقهم في واجهتهم قحت، وبقوا طوال هذه الاعوام لاهم لهم سوى التطاول على دين أهل السودان ومحاربة الله تعالى رفضا للاسلام بعدم الاعتراف به كمصدر للتشريع، وسعوا جاهدين لفصل الدين عن الدولة في ثنايا وثيقتهم التي اسموها دستورية ثم اتفاقهم الاطاري المجلوب.
وحق للاسلاميين أن يفرحوا وقد ضربوا المثال في حب هذا الوطن بالحرص على سلامته وهم المتهمون من قبل بامتلاك السلاح و(كتائب الظل)، فإذا بقياداتهم يقبلون الذهاب إلى السجون ويبقون فيها إلى يومنا هذا دون مقاومة بل برضا بقضاء الله وحرص أكيد على سلامة الوطن وأمانه، وهنا على الذين يتهمونهم (الآن) بالقتال بغية اعادة حكمهم ان يعتبروا ان كانت لهم أبصار!
لقد تداعوا الآن لنصرة الجيش وقدموا الشهداء لأجل هذا الوطن وشرفه ودينه بعد أن سعت قيادات قحت إلى الحرب ثم تسللوا لواذا إلى فنادق أديس وكمبالا ونيروبي وحاناتها والقاهرة!
على الاسلاميين الآن التراص والوحدة طالما اليقين بالمنهج راسخ في القلوب والوجدان، والهم بدين الله وتمكينه غايتهم، ولايجرمن البعض شنآن بأن لايعدل في أخ له في الدين،
وقد جعل الله للدعاة إلى دينه شواهد للتأسي والاعتبار في عهد الصدر والكمال البشري، إذ نابتهم إحن نتاج التفاعل والتدافع في ثنايا الهم بتنزيل وتطببق منهح الله موئل الاستخلاف في الارض، ولعمري انها إحن وهموم ومجاهدة لايقدر عليها إلا اصحاب الهمم والاصطفاء.
ومن هذه الشواهد شاهدان نتبينهما في موقعة الجمل، وهي المعركة التي وقعت في البصرة عام 36هـ بين قوات أمير المؤمنين علي بن أبي طالب والجيش الذي يقوده الصحابيان طلحة بن عبيد الله والزبير بن العوام رضي الله عنهما وقد كانا إلى جانب أم المؤمنين عائشة بنت أبي بكر رضي الله عنها وعن أبيها، وقد ذهبت أمنا عائشة مع جيش المدينة في هودج من حديد على ظهر جمل فحملت المعركة إسم الجمل.
انها اقدار الله بأن يحدث ذلك، واقدار الله كلها خير، فإن كان للعصمة ان تحقن كل خلاف بين الدعاة لكان أولى بها أمنا عائشة وأمير المؤمنين علي بن ابي طالب رضي الله عنهما، وقد وردت في محكم التنزيل آية كريمة يقول فيها ربنا جل في علاه:
{وَنَزَعْنَا مَا فِي صُدُورِهِم مِّنْ غِلٍّ إِخْوَانًا عَلَىٰ سُرُرٍ مُّتَقَابِلِينَ} الحجر47
والغل هو الحقد والضغن والعداوة، وقيل هو الحسد والبغض.
هذه الآية الكريمة فيها طمأنة لكل المشتغلين بالإسلام دعوة إليه وانشغالا بمناهج تنزيله إلى واقع الناس، تعليما أو استنباطا لأحكام الله ومراداته لإخراج البشرية من الظلمات إلى النور.
هذه الآية رُوِيَ في تفسيرها أن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال:
إني لأرجو أن أكون أنا وطلحة ممن قال الله تعالى فيهم: {ونزعنا ما في صدورهم من غل إخوانًا…}.
فقال رجل اسمه الحارث بن الأعور الهمذاني: كلا، اللّهُ أعدل من أن يجمعك وطلحة في مكان واحد.
فقال عليّ: فلمن هذه الآية لا أمّ لك بِفيك التراب.
والمعلوم أن علي بن طالب وطلحة بن عبيد الله رضي الله عنهما قد التقيا بسيفيهما -وهما الصحابيان الجليلان- في موقعة الجمل.
الشاهد في هذه الآية قول ربنا (ونزعنا مافي صدورهم من غل).
هل تعلمون من هم هؤلاء الموصوفون بوجود (الغل) في صدورهم؟!
وماهو المكان الذي يتم فيه نزع ذلك الغل، ومن الفاعل للنزع؟!
للإجابة علينا قراءة الآيتين السابقتين لهذه الآية:
{إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ} 45 الحِجْر.
و{ادْخُلُوهَا بِسَلَامٍ آمِنِينَ} 46 الحِجْر.
هذه هي الإجابة…
فالموصوفون هم اهل التقوى من المؤمنين!
والمكان هو الجَنَّة!
والذي ينزع الغل هو الله جل جلاله!
فماذا يعني ذلك؟
يعني أن لا ييأس المهمومون بالدعوة إلى الله عندما تحدث الخلافات بين العلماء والدعاة والمشتغلين بِهَمِّ إنزال منهج الله إلى واقع الناس حتى إن أوصلهم بعض الخلاف بينهم إلى القتال…
وكذلك لايتسللن إليهم الوهن إن حدثت بينهم (المفاصلات) والانشقاقات.
فالله جل في علاه هو خالق البشر وهو العالم بطواياهم، ولعلها طمأنة لكل الدعاة إلى الله بأن القلوب وإن شابها ماشابها فليس ذلك مدعاة لانتفاء الإيمان وتقوى الله، فالمآل أن ينزع الله ما في الصدور من غل ليجعلهم جميعا إخوانا على سرر متقابلين، والسرير هو الكرسي الواسع الذي يحتمل أن يُرقَدَ عليه أيضا.
ولعلي اختم بحديث نبوي شريف روته امنا عائشة رضي الله عنها:
عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا قَالَتْ سَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ:
(الأَرْوَاحُ جُنُودٌ مُجَنَّدَةٌ فَمَا تَعَارَفَ مِنْهَا ائْتَلَفَ وَمَا تَنَاكَرَ مِنْهَا اخْتَلَفَ).
صحيح البخاري
قال ابن حجر رحمه الله في شرح الحديث: قوله (الأرواح جنود مجندة إلخ) قال الخطابي: يحتمل أن يكون إشارة إلى معنى التشاكل في الخير والشر والصلاح والفساد، وأن الخيِّر من الناس يحن إلى شكله، والشرير نظير ذلك يميل إلى نظيره، فتعارف الأرواح يقع بحسب الطباع التي جبلت عليها من خير وشر، فإذا اتفقت تعارفت، وإذا اختلفت تناكرت. ويحتمل أن يراد الإخبار عن بدء الخلق في حال الغيب على ما جاء أن الأرواح خلقت قبل الأجسام، وكانت تلتقي فتتشاءم، فلما حلت بالأجسام تعارفت بالأمر الأول فصار تعارفها وتناكرها على ما سبق من العهد المتقدم. وقال غيره: المراد أن الأرواح أول ما خلقت خلقت على قسمين، ومعنى تقابلها أن الأجساد التي فيها الأرواح إذا التقت في الدنيا ائتلفت أو اختلفت على حسب ما خلقت عليه الأرواح في الدنيا إلى غير ذلك بالتعارف. قلت: ولا يعكر عليه أن بعض المتنافرين ربما ائتلفا، لأنه محمول على مبدأ التلاقي، فإنه يتعلق بأصل الخلقة بغير سبب. وأما في ثاني الحال فيكون مكتسبا لتجدد وصف يقتضي الألفة بعد النفرة كإيمان الكافر وإحسان المسيء. وقوله “جنود مجندة” أي أجناس مجنسة أو جموع مجمعة، قال ابن الجوزي: ويستفاد من هذا الحديث أن الإنسان إذا وجد من نفسه نفرة ممن له فضيلة أو صلاح فينبغي أن يبحث عن المقتضي لذلك ليسعى في إزالته حتى يتخلص من الوصف المذموم، وكذلك القول في عكسه.
اقول:
هذا الحديث فيه الكثير من العبر ويحث على الاعتبار، ولعمري انه ذِكْرَىٰ لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ!
اللهم جند قلوبنا لدينك، واشملنا بحبك، وابذر في قلوبنا حب من يحبك، ولاتجعل في قلوبنا ذرة من حب لمناهج اليسار على عمومهم.
اللهم ياحَنّان يامَنَّان أسألك برحمتك التي وسعت كل شئ أن تنزع مافي صدورنا من غل في الدنيا والآخرة، واجعلنا إليك يارب مخبتين وبيننا متحابين.
اللهم اكتب النصر العاجل المؤزر لجيش السودان، اللهم أزل شأفة هذا التمرد ولاتبق له أثرا، اللهم لاتحقق لقحت/تقدم غاية في هذا السودان ولاترفع لهم راية واجعلهم لمن خلفهم من العاقين لهذا الوطن من اليسار آية.
اللهم عليك بكل الكائدين لهذا السودان، اللهم رد كيدهم إلى نحورهم واجعل تدبيرهم تدميرا لهم، انك ياربي ولي ذلك والقادر عليه.
وإلى المقال الثاني بحول الله.
adilassoom@gmail.com

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

زر الذهاب إلى الأعلى